
سناء السعيد
سناء السعيد
يُنظر إلى العزلة بوصفها تشكل تهديدا مدمرا للصحة لدرجة أنها تعادل تدخين 15 سيجارة يوميًا. غير أن هناك من يعشقها ويرى أن التواصل المستمر والتكثيف فى العلاقات يشكل إرهاقا بالنسبة للباحثين عن الهدوء. لقد جرب العالم الانعزال والتباعد الاجتماعى خلال ظهور وباء "كورونا"، وسعى الكثيرون إلى اتقاء التواصل بالركون إلى الاعتكاف، والانعزال عن الجميع حتى لا يصابوا بالعدوى. وقد يرى البعض الانعزال بوصفه شعورا ذاتيا مؤلما لدى من يكون حجم علاقاته الاجتماعية أقل مما يطمح إليه. وهنا يشعر الشخص المنعزل بالوحدة أكثر من غيره، بل ويزداد شعوره بها حتى ولو كان محاطا بالكثيرين، حيث إنه لا يشعر بهم بعد أن اعتاد على الوحدة، وهنا يعيش فى نطاق ذاته ولا يرى إلا نفسه. ويرى أن الانفراد بنفسه نعمة بالنسبة له حيث إنه يجد فى ذلك الهدوء والسكينة، والراحة لأعصابه.
هناك الشعور بأن الفرد غريب عن المكان والوسط الذى يتواجد به ولا ينتمى إليه.أو أن تكون علاقاته مع الآخرين ليست بالقوة التي يرغبها ويتطلع إليها، ومن ثم ينتابه الإحساس بعزلة تاريخية تعكس عليه كل المشاعر المؤلمة. فى بعض اللغات قد يكون لكلمتيْ الوحدة والعزلة المعنى ذاته، ولكنهما فى الحقيقة كلمتان مختلفتان، فالعزلة قد تكون حالة مؤقتة من الممكن أن تمنح المرء بعض الهدوء المستحب الذى قد يستمتع به للحظات. وقد تكون العزلة فترة يقضيها المرء بمفرده جسديا دون التفاعل مع أى شخص آخر حتى ولو من خلال التواصل الاجتماعى.
ولا شك أن الشعور بالوحدة يعد ضارا جدا بالصحة، وقد كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة " كامبريدج" عن ارتباط الوحدة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وداء السكري من النوع الثاني، وزيادة قابلية الإصابة بالعدوى. وهناك أدلة متزايدة على أن الوحدة يمكن أن تؤدي إلى الخرف والاكتئاب والقلق وزيادة خطر الوفاة بشكل عام. ولم يتضح بعد السبب وراء هذا التأثير من جراء الشعور بالوحدة على الصحة الجسدية. بيد أن الأطباء يعتقدون أن الرابط بينهما قد يعود إلى زيادة الشعور بالضغط والتوتر ونقص التحفيز المعرفي نتيجة للانعزال مما يؤدى بدوره إلى تفاقم مشكلات الصحة النفسية.
أما منظمة الصحة العالمية فيجرى تقديرها على أساس أن من كل أربعة مسنين هناك شخص واحد يعانى من عزلة اجتماعية. بينما يواجه ما بين 5 إلى 15% من المراهقين مشاعر الوحدة. وبعيدا عن العمر توجد أيضا مجموعات معينة معرضة لخطر متزايد من الشعور بالوحدة أكثر من غيرها مثل المهاجرين والأقليات العرقية، وطالبي اللجوء والمسؤولين عن رعاية المرضى والمعاقين، والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية أخرى. وفضلا عن هذا هناك أنشطة محفزة توفر الراحة والاسترخاء. وهناك العديد من الهوايات والأنشطة المشتركة التى تتوافق مع العزلة مثل القراءة و المشى والاستماع إلى الموسيقى والحرف اليدوية.
إنها الطبيعة التي نتفاعل معها ككائنات اجتماعية، ونبقى سويا معا. وهنا قد يرى البعض أن من يخرج عن هذا الإطار تكون العزلة بالنسبة له وصمة عار يتعين عليه عدم الوقوع فى براثنها. ولذلك هناك من يمضى ساعات طويلة بمفرده بشكل يجعله يشعر بانخفاض توتره، وعندئذٍ يسعد كثيرا بامتلاكه حرية التصرف والاختيار.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.