أخبار عاجلة

جيش الاحتلال يواجه أزمة تاريخية.. والشباب: "لن نخدم في ظل هذه الحكومة"

جيش الاحتلال يواجه أزمة تاريخية.. والشباب: "لن نخدم في ظل هذه الحكومة"
جيش الاحتلال يواجه أزمة تاريخية.. والشباب: "لن نخدم في ظل هذه الحكومة"

في ظل تصاعد التوترات السياسية والعسكرية في إسرائيل، يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي موجة غير مسبوقة من المعارضة الداخلية، إذ يرفض عدد متزايد من الشبان والفتيات الخدمة العسكرية الإلزامية احتجاجًا على سياسات الحكومة اليمينية الحالية.

 وهذه الظاهرة، التي بدأت تتصاعد بشكل ملحوظ منذ بداية عام 2024، تعكس انقسامات عميقة داخل إسرائيل بشأن الحرب الانتقامية المستمرة في غزة، والإصلاحات القضائية المثيرة للجدل، وسياسات الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو.

خلفية المعارضة: أزمة سياسية وأخلاقية

وقالت صحيفة الجارديان البريطانية إن موجة رفض الخدمة العسكرية الحالية بدأت تتسارع مع تصاعد الاحتجاجات ضد الإصلاحات القضائية التي أقرتها حكومة نتنياهو في عام 2023، والتي رأى فيها العديد من الإسرائيليين تهديدًا للديمقراطية. 

وفقًا لتقرير نشرته ذا جارديان في 15 أغسطس 2024، أعلن أكثر من 300 جندي احتياط في وحدات النخبة، بما في ذلك أطباء عسكريون وطيارون، تعليق خدمتهم احتجاجًا على هذه الإصلاحات، معتبرين أنها "تُضعف استقلال القضاء وتُهدد حقوق الأقليات". تزايدت هذه المعارضة بعد اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023، حيث أثارت العمليات العسكرية انتقادات واسعة بسبب الخسائر المدنية الكبيرة.

وأضاف تقرير لصحيفة هآرتس أن منظمات مثل "يوجد حد -"Yesh Gvul، و"رفض - Refusenik" شهدت إقبالا ملحوظًا في أعداد الشبان الذين يرفضون التجنيد الإلزامي، حيث أشار أحد قادة هذه الحركة إلى أن "العديد من الشبان والشابات يشعرون أنهم لا يستطيعون الخدمة تحت سلطة حكومة تُصعد الحرب ضد الفلسطينيين وتتجاهل القيم الأخلاقية"، ويكشف هذا التحول انقسامًا اجتماعيًا عميقًا، حيث يرى الرافضون أن الخدمة العسكرية تُساهم في استمرار الاحتلال وسياسات القمع.

أسباب الرفض: الحرب في غزة والسياسات الحكومية

تُعد الحرب في غزة أحد العوامل الرئيسية التي دفعت الشبان لرفض الخدمة. وفقًا لـ تايم في تقرير نُشر في 10 يوليو 2024، أثارت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، التي أدت إلى استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، غضبًا متزايدًا بين الشباب الإسرائيلي، كما أعرب العديد من المجندين المحتملين عن شعورهم بالذنب والرفض الأخلاقي للمشاركة في عمليات يرونها "غير متناسبة وتستهدف المدنيين". ونقل التقرير عن شاب يُدعى تال (18 عامًا) قوله: "لن أخدم في جيش يقتل الأطفال ويدمر المدارس. هذه ليست قيمي".

بالإضافة إلى ذلك، ساهمت سياسات الحكومة اليمينية في تعميق هذا الرفض. أشار تقرير في هآرتس بتاريخ 20 سبتمبر 2024 إلى أن التحالف الحاكم، الذي يضم أحزابًا متطرفة مثل "الصهيونية الدينية" بقيادة بتسلئيل سموتريتش، دفع العديد من الشباب إلى الشعور بالاغتراب عن النظام. على سبيل المثال، أثارت خطط توسيع المستوطنات في الضفة الغربية وتجاهل الحكومة للضغوط الدولية من أجل وقف إطلاق النار استياءً واسعًا. ونقل التقرير عن شابة تُدعى ليا (19 عامًا) قولها: "لن أخدم في ظل هذه الحكومة التي تُهدد مستقبلنا وتُصعد الصراع بدلًا من حله".

التداعيات على جيش الاحتلال: أزمة أفراد

ويواجه الجيش الاحتلال الإسرائيلي تحديات كبيرة نتيجة هذه المعارضة. ووفقًا لتحليل نشرته الجارديان، أدى ارتفاع أعداد الرافضين إلى نقص في الأفراد، خاصة في وحدات الاحتياط التي تُشكل العمود الفقري لجيش خلال الحروب. 

وأشار التقرير إلى أن الجيش اضطر إلى زيادة الضغط على المجندين الحاليين، مما أدى إلى انخفاض الروح المعنوية وزيادة الإرهاق بين الجنود. كما أن هذا الوضع أثر على قدرة الجيش على الاستجابة بفعالية للتهديدات الأمنية المتصاعدة، خاصة مع استمرار الاشتباكات على الحدود الشمالية مع حزب الله.

من جانب آخر، ذكرت مجلة "تايم" أن جيش الاحتلال بدأ بتطبيق عقوبات أكثر صرامة على الرافضين، بما في ذلك السجن لمدد تصل إلى 30 يومًا. ومع ذلك، يبدو أن هذه العقوبات لم تُثنِ الكثيرين عن موقفهم، حيث أشار التقرير إلى أن بعض الشبان يرون السجن "وسام شرف" يعكس التزامهم بمبادئهم الأخلاقية.

انقسامات متزايدة

أدت هذه الموجة من الرفض إلى تفاقم الانقسامات داخل الدولة اليهودية، والمجتمع، ووفقًا لصحيفة هآرتس، أصبحت قضية رفض الخدمة موضوعًا ساخنًا في النقاشات العامة، حيث يرى البعض أن الرافضين "خونة" يُهددون الأمن القومي، بينما يعتبرهم آخرون "شجعان" يدافعون عن القيم الديمقراطية. وأشار التقرير إلى أن هذا الانقسام أثر حتى على العائلات، حيث أصبحت الخلافات بين الأجيال شائعة، مع ميل الشباب إلى اتخاذ مواقف أكثر ليبرالية مقارنة بآبائهم.

كما أن هذه الظاهرة عززت دور المنظمات المناهضة للاحتلال. أفادت ذا جارديان في 20 يناير 2025 أن منظمات مثل "يوجد حد" و"كسر الصمت -Breaking the Silence " أصبحت مركزًا لدعم الشباب الرافضين، حيث تقدم هذه المنظمات المشورة القانونية والدعم النفسي. ونقل التقرير عن أحد أعضاء "كسر الصمت" قوله: "نحن نشهد جيلًا جديدًا يرفض أن يكون أداة في يد حكومة تُصعد العنف بدلًا من البحث عن السلام".

ترحيب حقوقي
أثارت هذه الموجة من المعارضة اهتمامًا دوليًا واسعًا. وفقًا لمجلة "تايم" في تقرير حديث، رحبت منظمات حقوق الإنسان الدولية مثل "هيومن رايتس ووتش" بهذه التحركات، معتبرة أنها "خطوة إيجابية نحو تحدي سياسات الاحتلال". ومع ذلك، أعربت حكومات غربية مثل الولايات المتحدة عن قلقها من تأثير هذه المعارضة على الاستقرار الأمني في المنطقة، خاصة في ظل التوترات المستمرة مع إيران وحزب الله.

من ناحية أخرى، أشار تقرير للجارديان إلى أن هذه المعارضة أعطت دفعة للحركات المؤيدة للفلسطينيين في الخارج، حيث رأى نشطاء أن رفض الشباب الإسرائيلي للخدمة دليل على وجود "صوت معارض داخل إسرائيل يدعم العدالة". ومع ذلك، حذر التقرير من أن هذه الظاهرة قد تُستغل من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلية لتشديد قبضتها على المعارضين، مما قد يؤدي إلى مزيد من القمع الداخلي.

حكومة نتنياهو: بين التجاهل والعقاب

حتى الآن، تبدو استجابة حكومة الاحتلال الإسرائيلية مترددة بين التجاهل والرد القاسي. وفقًا لصحيفة هآرتس، حاولت الحكومة التقليل من أهمية هذه الموجة، حيث ادعى متحدث باسم جيش الاحتلال أن "الرفض يقتصر على أقلية صغيرة لا تؤثر على القدرات العسكرية". ومع ذلك، أشار التقرير إلى أن الحكومة بدأت في دراسة مشروع قانون جديد يهدف إلى تشديد العقوبات على الرافضين، بما في ذلك فرض غرامات مالية كبيرة أو الحرمان من الوظائف الحكومية، وفي الوقت نفسه، حاولت الحكومة استمالة الشباب من خلال حملات دعائية تُبرز أهمية الخدمة العسكرية للأمن القومي. لكن، كما أفادت تايم في 8 أبريل 2025، بدت هذه الحملات غير فعالة، حيث يرى العديد من الشباب أن الحكومة "تفتقر إلى المصداقية" بسبب سجلها في إدارة الأزمات السياسية والعسكرية.

أزمة تاريخية  
وتمثل موجة الرفض الحالية أزمة تاريخية لجيش الاحتلال الإسرائيلي والمجتمع ككل. مع تزايد أعداد الشباب الذين يرفضون الخدمة، يواجه جيش الاحتلال تحديات عملياتية ومعنوية، بينما تتعمق الانقسامات الاجتماعية داخل إسرائيل. تُظهر هذه الظاهرة تحولًا في وعي الجيل الجديد، الذي يبدو أكثر استعدادًا لتحدي السياسات الحكومية والتشكيك في دور جيش الاحتلال في استمرار الصراع. في المستقبل، قد تُجبر هذه المعارضة الحكومة على إعادة تقييم سياساتها، سواء فيما يتعلق بالحرب أو بالإصلاحات الداخلية، لكن ذلك يعتمد على مدى قدرتها على الاستجابة لهذه الأصوات المعارضة دون اللجوء إلى مزيد من القمع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وزراء البترول والبيئة والطيران يبحثون التعاون في مشروع إنتاج وقود الطائرات المستدام
التالى وزراء البترول والبيئة والطيران يبحثون التعاون في مشروع إنتاج وقود الطائرات المستدام