
أصدرت الجمعية المغربية لحقوق التلميذ(ة) بيانا في سياق “تنامي ظاهرة العنف المدرسي وتحولها إلى جريمة أودت بحياة الأستاذة هاجر اليعكار، والمرحوم مدير إعدادية اليوسفية، مع الاعتداء على أستاذ للرياضيات بالفقيه بن صالح يوم 8 أبريل على سبيل المثال لا الحصر، وبعيدا عن السطحية في التعاطي مع الظاهرة التي تشهدها المدرسة المغربية طلية 3 عقود”.
وسجّل المكتب الوطني للجمعية المغربية لحقوق التلميذ(ة)، في بيانه المعنون بـ”الاعتداء الجسدي على الأساتذة صورة عاكسة لانحطاط القيم في المدرسة العمومية”، أن “ظاهرة العنف المدرسي مرتبطة بالسياق العام المتسم بانحراف المجتمع عن القيم الإنسانية والأخلاق والقانون، وبالتطبيع مع ظواهر وسلوكات لا مدنية مستشرية في الشارع العام وما يترتب على ذلك من انعدام الأمان”.
وقالت الجمعية المغربية لحقوق التلميذ(ة) إن “العنف المدرسي ليس وليد اللحظة، بل تزامن نمو الظاهرة مع تعميق الأزمة البنوية التي تعرفها المدرسة العمومية (قلة الأطر الإدارية، الاكتظاظ، عدم معالجة الممارسات السلبية في الوسط المدرسي…)؛ وما وصل إليه العنف (الاعتداء الجسدي بالسلاح الأبيض والأدوات الحادة) هو تراكم لسياسة تربوية فاشلة، ونتيجة منطقية لإفشال الإصلاحات المتتالية، ولتراكم التراجعات في سلم القيم أمام صمت الجميع”.
وأكد البيان أن “استفحال ظاهرة العنف دليل على فشل منظومتنا التربوية فشلا ذريعا في تحقيق انتظارات المجتمع من المدرسة ودورها في نشر وتنمية قيم المواطنة والسلوك المدني والتسامح وثقافة حقوق الإنسان في الوسط المدرسي”، إضافة إلى أن “العنف الممارس من طرف التلاميذ هو رد فعل تجاه مدرسة عمومية غير منصفة، وغير موحِّدة، ولا تهتم بجميع مكونات شخصية المتعلم(ة)، ولا توفر البيئة الحاضنة وفرص النجاح والتوافق الدراسي”، لافتا إلى أن “انتشار ثقافة التفاهة، وتحطيم القدوة الحسنة، وتطبيع الجميع مع سلوكات لا مدنية تبدو بسيطة لكنها عميقة في تراكمها من بين الأسباب وراء الممارسات المشينة في الوسط المدرسي”.
وبعدما قدّم المكتب الوطني للجمعية المغربية لحقوق التلميذ(ة) “تعازيه الصادقة للأسرة الصغيرة للضحية شهيدة الواجب ولأسرتها الكبيرة”، أعلن “تضامنه اللامشروط مع كل ضحايا العنف من أساتذة وتلاميذ وتلميذات، وشجبه كل الاعتداءات التي تطالهم، سواء من طرف التلاميذ أو من طرف الآباء أو الغرباء، لأن تكريم الأستاذ\ة شرط لزوم لإعادة الثقة في المدرسة العمومية”.
ودعا المصدر ذاته تلاميذ السلك الثانوي إلى “الاحترام الواجب للأطر التربوية والإدارية”، كما دعا الجميع إلى “احترام ميثاق المؤسسة لضمان حياة مدرسية آمنة”، مؤكّدا أنه “إذا كانت للجميع حقوق في المؤسسة فعليهم واجبات أيضا”، كما طالب الآباء والأمهات بـ”المواكبة والتتبع المنتظم لتحصيل وسلوكات أبنائهم وبناتهم”، مع دعوة الإدارة التربوية إلى “التواصل الدوري مع الأسر من خلال تنظيم دورات تحسيسية ولقاءات تواصلية حول القضايا التي تهم التلاميذ”.
وبعدما حمّلت الجمعية الوزارة “المسؤولية عن استمرار الظواهر السلبية في المدرسة العمومية، التي لها علاقة غير مباشرة بالعنف (الاكتظاظ، الغش، الغياب، قلة الأطر الإدارية، كثرة المواد، إهمال الأنشطة الموازية، عدم تكافؤ الفرص…)”، طالبتها بـ”توفير الأطر الإدارية التربوية الكافية في المؤسسات التي تعرف اكتظاظا ملحوظا، وأطر الدعم النفسي والاجتماعي لتتبع ومصاحبة الحالات والسلوكات المرضية والمنحرفة من التلاميذ والأساتذة، لدمجهم الإيجابي في المجتمع المدرسي”، مع مطالبة الحكومة بـ”تحمل مسؤولياتها في محاربة أحزمة البؤس والفقر التي تعد من الأسباب الخارجية للعنف المدرسي، والعمل على نشر القيم الإيجابية عبر وسائل ومؤسسات التنشئة الاجتماعية والاتصال العمومية”.