باللغتين العربية والفرنسية قدّمت في أول أيام المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، اليوم الجمعة، مختارات “شعر غزة” التي أعدّها الشاعران المغربيان عبد اللطيف اللعبي وياسين عدنان، بعنوان “هل هناك حياة قبل الموت؟”.
أنطولوجيا شعر غزة التي صدرت باللغتين العربية والفرنسية، ضامة أعمال 26 شاعرة وشاعرا من غزّة الفلسطينية، صدرت بالعربية عن “دار الرافدين” ببيروت اللبنانية، وصدرت ترجمها إلى الفرنسية بقلم عبد اللطيف اللعبي عن دار “بوان”، ومن المرتقب أن تصدر ترجماتها إلى لغات أخرى.
وتحدث اللعبي عن الأنطولوجيا التي جاءت “بعد ما حدث في غزة يوم 7 أكتوبر، عبر حماس، والجواب الإسرائيلي الذي تحول إلى إبادة جماعية حقيقية”، موردا: “لم أحس يوما في حياتي بأني عاجز. يغمرني إحساس سيئ في قلبي وجسدي”.
وتابع أول من ترجم شعر محمود درويش إلى الفرنسية: “أنا شاعر منذ أزيد من 50 عاما، لكن لم تحضرني كلمات لأقول ما أحس به (عند متابعة الإبادة الجماعية الإسرائيلية للفلسطينيين)، فتواصلنا أنا وياسين، لهذا الإحساس المتبادل؛ للخروج من المعاناة التي عشناها. ومحل الحديث مكان الفلسطينيين اخترنا إسماع أصواتهم؛ وهذا ما خلق أنطولوجيا ‘غزة: هل هناك حياة قبل الموت؟'”.
وأضاف الشاعر ذاته: “تتبع ياسين عدنان، في تحقيق وبحث متوالٍ، كل نص خارج عن المألوف، يوميا، وظلّ في علاقة مستمرة مع الشعراء والشاعرات، وهذا عمل مميَّز، لجمع قصائد لا أقول إنها ملتزمة، فالشاعر والشاعرة الفلسطينيان كيف يمكن ألا يهتما بما يحدث لهما ولشعبهما؟! بل هي قصائد ذات انشغال تام للإنسان بروحه وجسده في الكتابة والاستعجال”.
وحول شعراء وشاعرات “الأنطولوجيا” قال اللعبي إنهم “لم يهتموا بأي شيء، فهم يكتبون بالاستعجال، صرخة (…) وينبغي أن نسمع صوتهم وصرختهم”، علما أن شاعرين في الأنطولوجيا قتلا في قصف إسرائيلي، هما: نور الدين حجاج ورفعت العرعير.
ومن بين شعراء العمل الشاعرة آلاء القطراوي التي قتل القصف الإسرائيلي أطفالها الأربعة، وقد “طلَبت من السلطات الإسرائيلية أن تبحث عن جثامينهم لكنها رفضت ذلك، وبنت من أبنائها هي أوركيديا، التي أعد الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة سينفونية باسمها”، وفق المتحدث ذاته.
الشاعر ياسين عدنان تحدث من جهته عن بحثه واللعبي في “الأنطولوجيا” عن “أفق جديد للقصيدة الفلسطينية”، وهو ما قاده “حتى إلى وسائل التواصل الاجتماعي، رغم احتجاج أصدقاء فلسطينيين”.
وتحدث عدنان عن إحساس “بالعجز، ولا جدوى أي شيء (…) كتبت أفكارا وتأملات، لكن لم أستطع كتابة نص أدبي، واللعبي أيضا، لكنه كتب نصا جميلا بالفرنسية في وقت لاحق سينشر في ما بعد”.
وحول منهج المختارات الشعرية الغزّيّة أو الغزّاوية قال الشاعر ذاته: “رفضنا التورط في الاستسهال، ولم تمتعنا النصوص المستسهلة حول فلسطين حتى ونحن نتلقاها من الأصدقاء؛ فالتعاطف لا يكفي لإعادة إنتاج نصوص وخطابات شعرية فاقدة للفعالية وصارت جزءا من ماضي الكتابة. فخاطبنا أصدقاءنا هناك، ورجعت لـ’فيسبوك’ باحثا عن أصدقاء شخصيين في غزة، وطرحت أسئلة: أينكَهُ؟ ما أخبارك؟ ما جديدك؟ (…) ودخلنا في مطاردة الشعر… وأوردنا أشعار من كانوا يكتبون الطراوة، نصوصا ذات حرارة، تحت الحصار، يتنقلون من مكان إلى مكان من مناطق غزة… نسمع الصرخة، دون تنازلات على مستوى الاختيارات الجمالية والإبداعية”.
وأوضح ياسين عدنان أن “الأنطولوجيا” مفتوحة للترجمة إلى لغات أخرى، فلا معدّاها ولا ناشرها سيطالبون بحقوقٍ، قبل أن يختم بقوله إنه في ظل المسيرات المغربية المساندة لفلسطين “يوجد وسط المغاربة فصيل يقول ‘تازة قبل غزة’؛ وكأن هناك اختيارا حديا! بل نقول: تازة وغزة ومراكش وأريحا… بدل الثنائيات المفتعلة! فأنا لا أختار، بل أقيم في التعدد؛ لأن التعدد هو الأصل”.