محطات الكهرباء العاملة بالفحم في أميركا.. تَوجه نحو تأجيل تقاعدها وسط تنامي الطلب

تدرس شركات المرافق العامة في الولايات المتحدة تأجيل تقاعد محطات الكهرباء العاملة بالفحم، عقب تنامي الطلب المحلي بمعدلات مطردة.

وكانت شركات المرافق العامة تخطّط لوقف 34.2 غيغاواط من سعة توليد الكهرباء بالفحم خلال المدة بين عامَي 2025 و2027، وفق تقديرات صدرت في أواخر عام 2023.

غير أن التقديرات قد تراجعت، منذ ذلك الحين، بنسبة 12.6%، لتصل إلى 29.9 غيغاواط من سعة محطات الكهرباء العاملة بالفحم في أميركا.

وسيتضاعف الطلب الإضافي على الكهرباء في مراكز البيانات الجديدة خلال عام واحد فقط، ليصل إلى 47.448 غيغاواط/ساعة بين عامي 2024 و2025، على أن يرتفع هذا الرقم بأكثر من 8 أضعاف بحلول عام 2030، ليصل إلى 199.982 غيغاواط/ساعة، وفقًا لتوقعات صادرة عن منصة إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).

ووفق تحليل بيانات محطات الكهرباء أجرته شركة فلودلايت (Floodlight) على بيانات محطات الطاقة -طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- فإن مالكي أو مشغلي أكثر من 30 محطة كهرباء تعمل بالفحم في الولايات المتحدة، وبالتحديد في ولايات من ويسكونسن إلى فرجينيا الغربية، يتطلّعون إلى إرجاء موعد تقاعدها.

الاستجابة للسياسات المتغيرة

جاء قرار شركات المرافق العامة في الولايات المتحدة بدراسة تمديدات إضافية لموعد تقاعد محطات الكهرباء العاملة بالفحم، استجابةً للتغيرات السياسية الأخيرة، حتى على الرغم من أن الفوائد التي ستتأتى لصناعة الفحم ربما تكون قصيرة الأجل.

وما تزال شركات المرافق العامة تقيّم الأوامر التنفيذية التي أصدرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 8 أبريل/نيسان (2025)، إلى جانب الإجراءات الأخرى التي اتخذتها إدارته لدعم صناعة الفحم المتعثرة في البلاد.

وشملت هذه الأوامر توجيهات واضحة للوكالات الفيدرالية لرفع القيود عن تعدين الفحم، وإصدار الأولوية لتأجير الأراضي الفيدرالية لهذا الغرض، بالإضافة إلى تعزيز استعمال الفحم في تشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي المتزايدة في أميركا.

ولعل أحد الإجراءات الأكثر واقعية التي اتُّخِذت مؤخرًا هي الإعفاءات لمدة عامَيْن من المطابقة مع قاعدة "معايير الزئبق والمواد السامة في الهواء" الممنوحة إلى العشرات من محطات الطاقة في الـ15 من أبريل/نيسان الجاري.

لكن حتى على الرغم من أن شركات المرافق العامة قد تقدمت بطلب للحصول على الإعفاءات المذكورة، فإن غالبيتها ما تزال تدرس تقييم خياراتها.

وقال مدير الخدمات البيئية في شركة أميرين ميسوري (Ameren Missouri) كريغ غيزمان، إن "منح تمديد الامتثال لمدة عامَيْن في محطتي لابادي وسيوكس سيمكّن شركة أميرين ميسوري من تحسين إستراتيجية الامتثال الخاصة بها بشكل أكبر وتحسين آليات المراقبة المخطط لها لضمان الدقة".

وأضاف غيرزمان: "نحن ملتزمون باختيار حلول فاعلة من حيث التكلفة تقلل آثار الأسعار بالنسبة للعملاء"، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ومن المقرر غلق محطة سيوكس البالغة سعتها 1.099 ميغاواط التابعة لشركة أميرين ميسوري بحلول عام 2028، في حين لم تحدد محطة لابادي -سعتها 2.389 ميغاواط- موعدًا فعليًا للتقاعد.

مراجعة دقيقة

قالت هيئة وادي تينيسي (Tennessee Valley Authority)، وهي شركة أميركية مملوكة فيدراليًا، إنها "تراجع بدقة الإعفاءات من معايير الزئبق والمواد السامة في الهواء، للوقوف على آليات تطبيقها، وإفادة جهودنا لدعم نمو الأحمال في منطقتنا التي تغطي 7 ولايات".

ومنحت هيئة وادي تينيسي إعفاءات إلى جميع محطات الفحم المملوكة لها، بما في ذلك محطتا كمبرلاند وكينغستون التي كان من المقرر غلقها بموجب المهلة المخصصة للمطابقة مع قاعدة "معايير الزئبق والمواد السامة في الهواء"، بحلول 1 يوليو/تموز (2027).

وبالمثل قالت شركتا "إن آر جي إنرجي" (NRG Energy) و"إكسل إنرجي" (Xcel Energy) إنهما ما تزالان تدرسان كيفية التعامل مع التطورات الجديدة.

وقالت "إن آر جي إنرجي": "ستستغرق فرقنا التنظيمية والبيئية بعض الوقت لتقييم الإرشادات الجديدة والوصول إليها؛ ولذا فإننا لا نملك تحديثًا كي نشاركه معكم في الوقت الحالي".

وحصلت الشركة على إعفاءات لـ4 محطات فحم بسعة مركبة تصل إلى 7.092 ميغاواط، علمًا بأن أيًا من تلك الوحدات ليس لديه حاليًا أي مواعيد محددة لوقف التشغيل.

وتحتاج الشركات إلى أن تأخذ في الحسبان عوامل أخرى قبل الالتزام بتمديد العمر التشغيلي لمحطة فحم، بما في ذلك توقعات أسعار الغاز الطبيعي، وما إذا كانت اللوائح التنظيمية الحكومية ستبقى على حالها دون تغيير.

بالإضافة إلى ذلك، فإن عملية التخطيط لتقاعد محطات الكهرباء العاملة بالفحم وإضافة أصول مُنتِجة تستغرقان وقتًا.

وتُؤخَذ تلك العوامل في الحسبان بوساطة شركات المرافق العامة التي ليست لديها محطات كهرباء عاملة بالفحم مدرجة على قائمة الإعفاءات من قاعدة "معايير الزئبق والمواد السامة في الهواء"، غير أنها تتأثر بالجهود الأخرى المبذولة بوساطة إدارة ترمب للمحافظة على توليد الكهرباء بالفحم.

الفحم وفجوة توليد الكهرباء

من الممكن أن تساعد التغييرات الحاصلة مؤخرًا في السياسات شركات المرافق العامة في استعمال توليد الكهرباء بالفحم لسد أيّ فجوات في سعة التوليد الناتجة عن التأخيرات في تشغيل مصادر طاقة أخرى.

وتنتُج الفجوات المذكورة عن التأخيرات المحتملة في إضافة توليد الطاقة الشمسية، في أعقاب زيادة التعرفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترمب على الواردات الآتية من الصين، بالإضافة إلى التشريعات التي تمر عبر بعض الهيئات الحاكمة في الولايات، بهدف منع مشروعات الطاقة المتجددة.

وفي الـ15 من أبريل/نيسان الجاري مرّر مجلس الشيوخ في تكساس مشروع قانون يفرض قيودًا على مشروعات طاقة الشمس والرياح، بما في ذلك التصاريح الجديدة والرسوم والشروط التنظيمية والضرائب.

وبشكل منفصل، يعكف المشرعون في ولاية نورث كارولينا على مراجعة مشروع قانون يقترح خفض الإعفاءات الضريبية للطاقة الشمسية من 80% إلى 40% والحد من المواقع المخصصة للمشروعات الكبيرة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1.خطط لإرجاء تقاعد محطات الكهرباء العاملة بالفحم في أميركا من "أرغوس ميديا".

2.تنامي الطلب على الكهرباء في مراكز البيانات من منصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس".