تشهد مصر توقعات اقتصادية متفائلة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اللذين رفعا تقديراتهما لنمو الناتج المحلي الإجمالي للعامين الماليين 2024/2025 و2025/2026، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة ميامي هيرالد الأمريكية في 30 أبريل 2025، نقلًا عن تصريحات الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
وتأتي هذه التوقعات في ظل تحديات عالمية وإقليمية، لكنها تعكس نجاح الإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الحكومة المصرية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، تحسين بيئة الاستثمار، ودعم القطاع الخاص.
ويستعرض هذا المقال توقعات النمو، العوامل المحفزة، التحديات، والسياسات اللازمة لاستدامة هذا الانتعاش.
توقعات النمو الاقتصادي: أرقام متفائلة
وأفاد تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" الصادر عن صندوق النقد الدولي، ونقلته صحيفة الجارديان البريطانية، أن الاقتصاد المصري سينمو بنسبة 3.8% في العام المالي 2024/2025، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 3.6%. كما رفع الصندوق توقعاته لعام 2025/2026 إلى 4.3%.
وأكدت صحيفة ميامي هيرالد هذه التوقعات، مشيرة إلى أن الدكتورة المشاط أوضحت خلال مؤتمر صحفي أن هذه الأرقام تعكس تحسنًا كبيرًا مقارنة بنمو 2.4% في 2023/2024، وتتماشى مع توقعات الحكومة، بفضل تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية، انخفاض التضخم من ذروته، وبداية دورة التيسير النقدي.
من جهته، توقع البنك الدولي نموًا بنسبة 3.8% لعام 2024/2025 و4.2% لعام 2025/2026، مدعومًا بزيادة الاستهلاك الخاص وتحسن ثقة المستثمرين.
العوامل المحفزة للنمو
وتشير بلومبرج في تقرير نُشر اليوم الخميس الموافق 1 مايو إلى أن الإصلاحات الهيكلية، مثل حوكمة الإنفاق الاستثماري وتسهيلات الإفراج الجمركي، أدت إلى نمو القطاع الصناعي بنسبة 17.74% في الربع الثاني من 2024/2025.
وأضافت صحيفة ميامي هيرالد أن المشاط أكدت أن هذه الإصلاحات، إلى جانب التقدم في برنامج صندوق النقد الدولي، عززت مشاركة القطاع الخاص، مما ساهم في تحقيق هذا النمو. كما دعمت مرونة سعر الصرف الاقتصاد من الصدمات الخارجية، وزادت تدفقات الاستثمار الأجنبي، خاصة من جهات خليجية.
وشهد قطاع السياحة انتعاشًا علاوة على دور زيادة الغاز الطبيعي في تعزيز إيرادات التصدير. وأشار البنك الدولي إلى أن تحويلات المصريين بالخارج والاستهلاك الخاص كانا محركين إضافيين للنمو.
التحديات الاقتصادية المستمرة
على الرغم من التفاؤل، يواجه الاقتصاد المصري تحديات، كما أوضح تقرير لمجلة الإيكونوميست إذ أن التضخم لا يزال مرتفعًا، حيث توقع صندوق النقد الدولي ذروته عند 32.5% في 2024، مع انخفاض محتمل إلى 25.7% في 2025.
وأشارت ميامي هيرالد إلى أن المشاط ناقشت تأثير السياسات التجارية الحمائية العالمية على التضخم، مما يزيد من تعقيد التحديات الاقتصادية. كما تشكل الفوائد، التي تمثل 60% من الإيرادات الحكومية بحلول 2025 وفقًا لوكالة موديز، ضغطًا على الموازنة. وأشار البنك الدولي إلى أن تباطؤ الاستثمار الأجنبي بسبب عدم اليقين الجيوسياسي قد يمثل تحديًا إضافيًا.
السياسات المطلوبة لاستدامة النمو
لضمان استدامة النمو، يوصي تقرير فاينانشيال تايمز بتعزيز إشراك القطاع الخاص من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية وتقديم حوافز للشركات الصغيرة.
وأكدت ميامي هيرالد أن المشاط شددت على أهمية تحويل هيكل النمو نحو القطاعات القابلة للتداول والتصدير، مع تحفيز الاستثمارات وتوطين الصناعة لخلق فرص عمل وتحسين مستويات المعيشة. يجب على البنك المركزي مواصلة السيطرة على التضخم وتحسين كفاءة الإنفاق العام. جذب الاستثمار الأجنبي يتطلب شفافية وضمانات، مع التركيز على الطاقة المتجددة. توسيع برامج التنمية المحلية سيعزز البنية التحتية، وينبغي استغلال تحويل سلاسل التوريد العالمية لتعزيز التعاون الإقليمي.
وتؤكد توقعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كما نقلتها ميامي هيرالد، على التقدم الاقتصادي لمصر بدعم من الإصلاحات الهيكلية وانتعاش القطاعات الحيوية. مع نمو متوقع يتراوح بين 3.8% و4.3%، تبرز مصر كاقتصاد واعد. ومع ذلك، تتطلب التحديات مثل التضخم وأعباء الدين سياسات منسقة تشمل تعزيز القطاع الخاص، إدارة الدين، وجذب الاستثمار. من خلال هذه الإجراءات، يمكن لمصر تحويل التوقعات إلى واقع يحسن مستويات المعيشة ويعزز الاستقرار الاقتصادي.