تشهد مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه طفرة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، حيث تتسارع الجهود لتحسين القدرات من أجل خفض الانبعاثات في الصناعات الثقيلة.
وخلال الربع الأول من العام الجاري، بلغ إجمالي السعة قيد التشغيل 50.9 مليون طن، ويمثّل ذلك زيادة طفيفة مقارنة بمستوى المدة نفسها من العام الماضي (50.5 مليون طن)، وفقًا لتقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وبحلول عام 2030، من المتوقع أن تصل قدرة احتجاز الكربون إلى قرابة 430 مليون طن سنويًا، مع زيادة ملحوظة في سعة التخزين بنسبة 10% مقارنة بالتقديرات السابقة، لتصل إلى 670 مليون طن.
ورغم أن هذه الوتيرة لا تكفي لتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن، ثمة إشارات واضحة على تحقيق تقدُّم مهم.
اتجاهات احتجاز الكربون وتخزينه
كشف التقرير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية، اتجاه الجهود العالمية -حاليًا- إلى دفع مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه القائمة، بدلًا من الإعلان عن مشروعات جديدة.
وحاليًا، تمثّل سعة احتجاز المشروعات في المراحل المتقدمة -مثل التي في مراحل هندسية أو التصميم الأولي- 60% من إجمالي المشروعات قيد الإنشاء، ما يشير إلى احتمال تضاعف القدرة الحالية حال اكتمال هذه المشروعات.
ورغم أن عام 2024 شهد دخول 8 مشروعات جديدة حيز التشغيل، فإن أحجامها الصغيرة جعلت الزيادة في القدرة التشغيلية محدودة.
وأظهر التقرير أن قطاع معالجة الغاز الطبيعي ما يزال مهيمنًا على السعة التشغيلية بفضل انخفاض التكاليف واتخاذ قرار الاستثمار النهائي لتنفيذ مشروع ضخم في إندونيسيا خلال العام الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، تمثّل مشروعات جديدة في قطاعات مختلفة، مثل إنتاج الهيدروجين وإزالة الكربون والصناعات، أكثر من نصف المشروعات المتوقع دخولها حيز التشغيل بحلول عام 2030.
يوضح الإنفوغرافيك التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- تطور مشروعات احتجاز الكربون عالميًا:
احتجاز الكربون وتخزينه في 2024
برز عام 2024 بوصفه عامًا مفصليًا في مسيرة مشروعات احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه، حيث تحققت فيه سلسلة من "الإنجازات الأولى".
ففي خطوة تاريخية، شهدت بريطانيا وصول أول محطة كهرباء بالغاز مزوّدة بتقنية احتجاز الكربون وتخزينه إلى مرحلة قرار الاستثمار النهائي، بسعة احتجاز تبلغ مليوني طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.
كما نجحت محطة مشتركة لتوليد الكهرباء والحرارة في السويد باتخاذ قرار الاستثمار النهائي، لتصبح أكبر مشروع لإزالة الكربون يحقق هذا الإنجاز.
أمّا الصين، فقد أطلقت أول مشروع في العالم لاحتجاز انبعاثات الكربون من إنتاج الأسمنت، في حين افتتحت أستراليا أول منشأة لتخزين الكربون واسعة النطاق في حقل غاز ناضب.
وبالتوازي مع ذلك، أدت أسواق الكربون الطوعية دورًا حاسمًا في تقدُّم المشروعات، إذ شهدت توقيع اتفاقيات شراء مسبقة لنحو 6 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون، عبر مشروعات التقاط الهواء المباشر، والطاقة الحيوية مع احتجاز الكربون وتخزينه، وهو ما يمثّل 75% من إجمالي مشتريات أرصدة إزالة الكربون خلال 2024.

تحديات احتجاز الكربون وتخزينه
من جهة أخرى، يستعد قطاع احتجاز الكربون وتخزينه خلال العام الجاري لتشغيل عدّة مشروعات، منها أكبر مشروع لاحتجاز الكربون في مصنع إسمنت بالنرويج، وأكبر مصنع لالتقاط الكربون من الهواء في أميركا.
ومع ذلك، حذّر التقرير من التركيز الجغرافي لهذه المشروعات حتى عام 2030، مشيرًا إلى أن 80% من سعة احتجاز الكربون في أميركا الشمالية وأوروبا، لكن تبقى هذه التوجهات قابلة للتغيير مع دخول لاعبين جدد في السوق، والضغوط على سلاسل التوريد، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأوضح استمرار الصين والشرق الأوسط في تعزيز الالتزام بمشروعات احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه.
وحاليًا، هناك مشروعات قيد الإنشاء في المنطقتين تستهدف احتجاز أكثر من 15 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وبذلك، تمثّلان ربع إجمالي السعة، سواء كانت قيد التشغيل أو قيد الإنشاء، وهي حصة أكبر من أوروبا.
كما ستشهد بلدان مثل البرازيل وإندونيسيا واليابان تطورات كبيرة بفضل التحديثات التشريعية المهمة.
في الوقت نفسه، يشير التقرير إلى أن الطلب المتزايد على معدّات احتجاز الكربون قد يفرض ضغوطًا على سلاسل التوريد الحالية، مؤكدًا ضرورة تكيُّف القطاع.
ويعدّ قطاع مراكز البيانات من أبرز المحركات للطلب على الكهرباء منخفضة الانبعاثات في السنوات المقبلة، وقد يصبح داعمًا رئيسًا للمشروعات، لا سيما مع مساعيها للاعتماد على كهرباء نظيفة للوفاء بأهدافها المناخية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..