أخبار عاجلة

قرار وقف النار بين الحوثي وأمريكا يثير تساؤلات حول فعاليته وتداعياته

قرار وقف النار بين الحوثي وأمريكا يثير تساؤلات حول فعاليته وتداعياته
قرار وقف النار بين الحوثي وأمريكا يثير تساؤلات حول فعاليته وتداعياته

في 6 مايو 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطوة مفاجئة، إنهاء الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين في اليمن، المعروفة باسم عملية "الراكب الخشن"، والتي بدأت في 15 مارس. 

وبوساطة عمانية، توصلت واشنطن والحوثيون المدعومون من إيران إلى اتفاق وقف إطلاق نار. 

لكن هذا الاتفاق، الذي نشرت تفاصيله في مقال بمجلة فورين أفيرز بقلم أبريل لونجلي آلي، الخبيرة في شؤون الخليج واليمن بمعهد الولايات المتحدة للسلام، يثير تساؤلات حول فعاليته وتداعياته طويلة الأمد، خاصة أنه لا يتصدى لهجمات الحوثيين المستمرة على إسرائيل والشحن الدولي في البحر الأحمر.

حملة باهظة التكلفة بمكاسب محدودة

كانت عملية "الراكب الخشن" أكبر تدخل عسكري لإدارة ترامب، حيث شملت أكثر من 1000 غارة جوية على أهداف حوثية، مثل مستودعات الأسلحة ومراكز القيادة والبنية التحتية الحيوية. 

وبكلفة تجاوزت ملياري دولار، استخدمت الحملة أسلحة متطورة، بما في ذلك قاذفات "بي-2" الشبحية ومجموعات حاملات الطائرات. 

كما أعادت الإدارة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية في مارس، مما فرض قيودًا اقتصادية صارمة، أثرت على نظامهم المصرفي وواردات الوقود.

ورغم انخفاض هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة بنسبة 87% و65% على التوالي، وفقًا لبيانات البنتاجون، فإن الحملة لم تتمكن من تفكيك قدرات الجماعة الأساسية.

بقي قادة الحوثيين على قيد الحياة، واستمرت قدرتهم على استهداف الأصول الأمريكية والإسرائيلية، كما اتضح من هجوم صاروخي بالقرب من مطار بن جوريون في تل أبيب مطلع مايو الجاري.

كما زعم الحوثيون إسقاط سبع طائرات "ريبر" أمريكية، تكلفة كل منها 30 مليون دولار، مما يبرز الخسائر المتصاعدة للحملة.

جاء وقف إطلاق النار ليوفر لواشنطن مخرجًا من عملية باتت غير ذات جدوى. فقد أثارت مخاوف من الانزلاق إلى حرب طويلة أخرى في الشرق الأوسط، إلى جانب ضغوط داخلية من شخصيات انعزالية جديدة مثل نائب الرئيس جي دي فانس.

 لكن الاتفاق لا يكاد يغير من موقف الحوثيين الأصلي: التوقف عن استهداف الأصول الأمريكية مع استمرار الهجمات على إسرائيل والسفن "المرتبطة بها" حتى تنهي إسرائيل حربها في غزة.

خطوة استراتيجية خاطئة؟

يكشف النطاق الضيق للاتفاق – الذي يستثني قيودًا على تصرفات الحوثيين ضد إسرائيل أو دول أخرى – عن قصوره. 

وصور الحوثيون الاتفاق على أنه "انتصار لليمن"، مما يعزز مكانتهم محليًا وإقليميًا. 

يتيح لهم ذلك التركيز على إسرائيل مع تجنب الرد الأمريكي. كما يقلل الاتفاق من احتمال دعم الولايات المتحدة لهجوم بري من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، التي تسيطر على أجزاء من جنوب وشرق اليمن. 

كان بإمكان مثل هذا الهجوم، مدعومًا بالقوة الجوية، أن يضغط على الحوثيين، لكنه ينطوي على مخاطر كبيرة.

تعكس قرارات إدارة ترامب رغبة في تجنب "حرب طويلة الأمد"، لكنها تعرض المنطقة لخطر تمكين الحوثيين. 

فقدرة الجماعة على تعطيل الشحن في البحر الأحمر، وهو شريان حيوي للتجارة العالمية، تظل دون رادع. 

وبعد أن استخدموا هذا التكتيك لتحقيق مكاسب سياسية، قد يواصل الحوثيون استهداف السفن التجارية أو فرض رسوم على العبور الآمن عبر مضيق باب المندب. 

علاوة على ذلك، فإن صمود الجماعة – الذي صقلته سنوات الصراع ودعمته خطوط إمداد متنوعة من إيران والصين وروسيا – يشير إلى أنها ستتعافى بسرعة.

الخسائر المدنية وصمود الحوثيين

حققت الغارات الأمريكية نجاحات تكتيكية، لكنها تسببت في أضرار مدنية كبيرة، عززت دعاية الحوثيين. 

فالهجمات على البنية التحتية المدنية، مثل ميناء رأس عيسى للوقود في أبريل (التي قتلت أكثر من 70 يمنيًا) ومركز احتجاز تديره الجماعة في مايو (الذي قتل العشرات، بمن فيهم مهاجرون)، عكست ديناميكيات الحملة التي قادتها السعودية عام 2015، حيث ساعدت الخسائر المدنية في تعبئة الدعم للحوثيين. 

ويُعزى صمود الجماعة إلى جذورها العميقة في المرتفعات الجبلية اليمنية، وبنيتها الحربية المتمرسة، وتعهداتها الأيديولوجية كفرع زيدي مناهض لإسرائيل والغرب.

طريق للأمام: التنسيق الإقليمي والدبلوماسية

كشفت الحملة الأمريكية عن آخر ما تستطيع الوصول إليه الغارات الجوية بمفردها في مواجهة تهديد الحوثيين، والاستراتيجية الأكثر فعالية تتطلب جهودًا إقليمية ودبلوماسية منسقة. 

ينبغي لواشنطن العمل مع حلفاء الخليج، لا سيما السعودية والإمارات، لتعزيز الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. 

يمكن لضمانات أمنية أن تشجع هؤلاء الحلفاء على تقديم دعم عسكري وسياسي للقوات المناهضة للحوثيين، للحفاظ على توازن القوى في اليمن. 

كما أن تنسيق الدعم الخليجي للحد من الانقسامات داخل الحكومة اليمنية أمر بالغ الأهمية لمنع انهيارها أو عودة ظهور القاعدة.

على الصعيد الدبلوماسي، ترى الخبيرة أنه يجب على الولايات المتحدة دعم وساطة الأمم المتحدة وعمان لإحياء اتفاق مدعوم من الأمم المتحدة توقف بسبب تصنيف الإرهاب.

 يمكن تعديل هذا الاتفاق ليشمل ضمانات أقوى لأمن البحر الأحمر، وقيودًا على أسلحة الحوثيين، وإطارًا لتقاسم السلطة. ورغم أن وقف إطلاق النار في غزة قد يقلل مؤقتًا من هجمات الحوثيين، إلا أنه ليس حلًا طويل الأمد. 

ويظل النهج الشامل، الذي يجمع بين الضغط العسكري والعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية، ضروريًا لكبح طموحات الحوثيين.

مستقبل غامض

بإيقاف عملية "الراكب الخشن"، تجنبت إدارة ترامب صراعًا طويل الأمد، لكنها تركت تهديد الحوثيين قائمًا إلى حد كبير. 

قد يوفر وقف إطلاق النار راحة مؤقتة، لكن بدون ضغط مستمر وتسوية سياسية أوسع، من المرجح أن يعيد الحوثيون تنظيم صفوفهم ويستأنفوا أنشطتهم التخريبية.

 يجب على الولايات المتحدة أن تدرك أن ديناميكيات اليمن الداخلية لا تنفصل عن الأمن الإقليمي. 

تجاهل ذلك يعرض المنطقة لخطر زعزعة الاستقرار من قبل الحوثيين، مما يهدد التجارة العالمية ويعزز الجماعات المتطرفة الأخرى. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بيقولوا| نجاة الأهلي من مقصلة فيفا.. شكوى بيراميدز وقرار الزمالك مع بيسيرو
التالى عاجل ـ شركة ميتا تحقق أرباح ربع سنوية بقيمة 16.6 مليار دولار