أخبار عاجلة

تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات

تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات
تطور دينامية سوق الشغل في المغرب .. المكتسبات لا تخفي التفاوتات

تباينت قراءات اقتصاديين لما كشفتْه معطياتُ مندوبية التخطيط للفصل الأول 2025 من تطورات سوق الشغل/البطالة بالمغرب؛ غير أنها اجتمعت في اتجاه “تطوّر نوعي في دينامية التشغيل، بتحقيق صافي إحداثٍ بلغ 282 ألف منصب، معزّزا أساسا بالتشغيل في الحواضر”.

هذه المكاسب الكمّية “لا تُخفي التفاوتات المجالية والبنيوية”، وفق محللين اقتصاديين مغاربة استطلعت هسبريس آراءهم؛ إذ سجل الوسط القروي تراجعا في مناصب الشغل وفقدانا مستمرا في قطاع الفلاحة، ما يؤشر على “ضعف التوازن في توزيع فرص الشغل بين الجهات”، مع تصدّر الجهة الاقتصادية الأولى الخالقة للثروة الوطنية (الدار البيضاء سطات) لأعداد العاطلين بـ23 في المائة.

إشكالات أعمق

محمد عادل إيشو، مختص في الإحصاء والاقتصاد القياسي أستاذ بجامعة السلطان مولاي سليمان- بني ملال، علّق على مخرجات المذكرة الإحصائية قائلا: “تَطرح هذه الأرقام، على أهميتها، إشكالات أعمق من مجرد مؤشرات تقنية؛ فالمسألة تتجاوز خلق المناصب إلى سؤال: من يشتغل؟ أين؟ وكيف؟”.

وأبرز إيشو، في تصريح لجريدة هسبريس: “من هنا، تبرز ضرورة تأويل المعطيات في ضوء التفاوتات البنيوية، واستشراف الحلول الممكنة ضمن السياق الاقتصادي والاجتماعي الوطني”.

على المستوى البنيوي، أفاد المختص في الإحصاء والاقتصاد القياسي “لا تزال بطالة الشباب والنساء والحاصلين على الشهادات كاشفة لأعطاب هيكلية”، مستدلا بـ”معدل بطالة بلغ 37,7 في المائة لدى الفئة العمرية 15-24 سنة، و19,9 في المائة لدى النساء، و19,4 في المائة لدى حاملي الشهادات”.

وزاد الأستاذ بجامعة السلطان مولاي سليمان- بني ملال: “هذا الواقع يُبرز محدودية المردودية التشغيلية للنمو، ويطرح أسئلة عميقة حول مواءمة التكوين مع حاجيات الاقتصاد، واستدامة مناصب الشغل المحدَثة”.

في المقابل، يشير الارتفاع الملحوظ في صنف “الشغل المؤدى عنه” وانخفاض البطالة الحضرية إلى “بداية استجابة لسياسات التحفيز والاستثمار التي باشرتها الحكومة ضمن خارطة الطريق للتشغيل”، والتي ترتكز على تشجيع الاستثمار الخاص، دعم المقاولة، وتوسيع التكوين المهني، حسب قراءة الخبير الاقتصادي نفسه.

مع ذلك، يستدرك إيشو بأن “ارتفاع الشغل الناقص (11,8 في المائة)، خصوصا في القرى (14,8 في المائة)، ما زال مؤشرا على استمرار هشاشة التشغيل؛ مما يفرض تسريع تفعيل آليات الدعم الاجتماعي المرتبطة بالشغل (مثل الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية)، وربطها بمشاريع مدرة للدخل تدمج الفئات الهشة في الدورة الاقتصادية”.

أربع رافعات

في حديثه لهسبريس، اقترح الأستاذ الجامعي ذاته “إدماج الريادة في صلب التعليم الجامعي”، معلقا للجريدة: “لم يعد ممكنا فصل التكوين عن عالم الأعمال. يتعيّن على الدولة الدفع بالتعليم العالي ليكون قاطرة للتشغيل الذاتي، عبر تخصيص اعتمادات مالية داخل الجامعات لتمويل مشاريع الطلبة منذ المراحل الأولى من التكوين. بهذا النهج، تصبح الجامعة فضاء للتأهيل العملي، والتمويل، والمواكبة، ليغادرها الطالب ليس فقط بشهادة، بل كمقاول مستعد ومسلّح بالمهارات والتجربة”.

كما دعا، ضمن الرافعة الثانية من الحلول المقترحة، إلى “تحفيز الاقتصاد القروي بمنطق المقاولة الصغيرة”، إذ “لا يمكن تجاوز الفجوة القروية دون إحداث تحول في نمط الإنتاج المحلي”، حسبه.

ونادى بـ”إصلاح جذري لمنظومة التكوين والملاءمة مع سوق الشغل”، لأن “استمرار بطالة حاملي الشهادات يكشف خللا بنيويا”؛ ما يستوجب “تحويل التكوين المهني إلى قاطرة رئيسية، قائمة على الشراكة مع الفاعلين الاقتصاديين، وربطه بمجالات نمو حقيقية مثل التحول الرقمي، الاقتصاد الأخضر، وصناعة السيارات والطيران”.

وبشأن “عدالة مجالية في توجيه الاستثمار العمومي”، قال إيشو إن “التركيز الترابي للاستثمارات يفاقم البطالة في جهات الهامش”، مشددا على أنه “لا تنمية دون إنصاف ترابي”.

وختم بأن “المطلوب هو ربط الحوافز الاستثمارية بمؤشر “أثر التشغيل الجهوي”، وتبني آلية لـ”تمييز إيجابي” للمناطق الأكثر هشاشة، خاصة عبر تعبئة صندوق التنمية القروية.

بطالة مقلقة

أكد بدر زاهر الأزرق، محلل اقتصادي متخصص في الأعمال، أن “المعطيات التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط بشأن وضعية البطالة في المغرب لم تأتِ بجديد خارج الإطار الكلاسيكي، فقد سُجّل تراجع طفيف في بعض المؤشرات؛ غير أن النِّسَب تظل مرتفعة بشكل مقلق، مما يعكس استمرار الأزمة، خاصة في صفوف فئة الشباب”.

الأزرق، مصرحا لهسبريس، أورد أنه “رغم الحديث المتواصل عن الاستراتيجية الحكومية لمواجهة البطالة، التي تم تخصيص ما يقارب 15 مليار درهم لتنفيذها، فإنه من المبكر الحكم على نتائجها”.

وأردف المتحدث عينه: “مِثل هذه البرامج تتطلب وقتا معقولا لتُحدث تأثيرا ملموسا على أرض الواقع، ولا يمكن التسرع في تقييم فعاليتها قبل مرور مدة كافية”.

وتُبرز هذه المعطيات، وفقا للمحلل، أن البطالة في المغرب ما زالت ظاهرة “شبابية بامتياز”، حيث تمسّ بشكل أساسي الشباب، خصوصا حاملي الشهادات أو الذين يفتقرون إلى تأهيل تقني ومهني يتماشى مع حاجيات سوق الشغل.

وفي هذا الصدد، أثار “تساؤلات جدية حول مدى ملاءمة منظومة التكوين والتأهيل المعتمدة حاليا، ومدى قدرتها على تزويد الشباب بالكفاءات المطلوبة لسوق العمل”، مستحضرا إشارة دالة من بنك المغرب إلى “نقص في المؤهلات التي تلبي احتياجات السوق لنسبة كبيرة من الشباب العاطلين”.

أما “البطالة النسائية” فهي “مرتفعة رغم استراتيجيات التمكين الاقتصادي الحكومية المنتهجة”، نبّه الأزرق، الذي أضاف ملاحظة “التوزيع الجغرافي للبطالة المتركز في المدن الكبرى مثل الدار البيضاء وطنجة؛ لأن الهجرة من المناطق الأخرى إلى المدن الكبرى تزيد من الضغط على توفير الوظائف”.

جرس إنذار

وفقا لتحليل المحلل الاقتصادي المتخصص في الأعمال لهسبريس، فإن “المعطيات الحالية تشكل جرس إنذار للحكومة لمراجعة سياساتها في التشغيل”.

وقال المتحدث: “هناك حاجة إلى مراجعة المحاور التقليدية التي تحتكر خلق الوظائف بسبب ارتفاع البطالة”، مستنتجا خلاصة أن “السياسات العمومية للتمكين الاقتصادي للمرأة لم تحقق النتائج المرجوة”.

تبعا لذلك، فإن “البطالة المرتفعة تتطلب برامج عاجلة لتعويض فقدان الوظائف”، حسب المحلل الذي ذكّر بأن “تراجع أداء القطاع الفلاحي ساهم في زيادة البطالة(…) ومن الضروري دعم المقاولات لتكون رافعة لخلق الفرص”.

وبينما أكد أن “بنية البطالة في المغرب لم تتغير وفق معطيات الجهاز الإحصائي الوطني، فإن الأداء الحكومي في مجال التشغيل كان سلبيا ولم يتوافق مع الوعود الحكومية”، بتوصيفه.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق لقد اختبرت رؤية Copilot لنظام التشغيل Windows. عيون منظمة العفو الدولية تحتاج إلى نظارات أفضل - غاية التعليمية
التالى عاجل ـ شركة ميتا تحقق أرباح ربع سنوية بقيمة 16.6 مليار دولار