نظّمت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ضمن فعاليات رواقها المؤسساتي في الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، ندوة خُصّصت لمناقشة سُبل تعزيز إشعاع المغرب من خلال البرامج الوثائقية.
وخلال هذا اللقاء، شدّد عمر الرامي، المدير المركزي للإنتاج والبث، على أهمية البرامج الوثائقية باعتبارها وسيلة أساسية لتثمين الثقافة المغربية وتعزيز الوعي بالتراث الوطني، فضلًا عن كونها أداة فعّالة لتعريف الجمهور، داخل المغرب وخارجه، بثراء الموروث الحضاري والتاريخي للمملكة وتنوّعه. كما أشار إلى الدور المحوري للإعلام في صون الذاكرة الجماعية وربط الأجيال الصاعدة بجذورها الثقافية والحضارية.
وقدّم الرامي معطيات بخصوص الإنتاج الوثائقي على مستوى “SNRT”، مبرزًا أن نسب المشاهدة التراكمية لهذه البرامج تتراوح ما بين خمسة ملايين وثمانية ملايين مشاهد، في حين بلغ عدد الحلقات المنتَجة، بين سنتي 2021 و2024، نحو 479 حلقة وثائقية، ما جعل هذا النوع البرامجي أحد ركائز شبكة البرامج والمحتوى السمعي البصري.
من جهتها، أكدت الإعلامية بشرى مازيه، معدّة البرامج بقناة “الأولى”، على تنوّع هذه الإنتاجات الوثائقية، التي تشمل أعمالًا من إنتاج داخلي وأخرى من إنتاج خارجي، تُعنى بتوثيق مختلف أوجه التراث المغربي، المادي منه واللامادي، بالصوت والصورة.
كما تم التأكيد على الأثر الإيجابي لهذه البرامج في نقل المعارف إلى الأجيال الجديدة، وتعزيز الوعي الثقافي لدى الشباب، إلى جانب مساهمتها في الترويج للسياحة الثقافية من خلال إبراز المقومات التراثية والبيئية والمعمارية لمناطق مختلفة من المغرب.
وأشاد المشاركون في اللقاء بالرأسمال التراكمي من الخبرة والاحترافية الذي راكمته قناة “الأولى” في مجال الإنتاج الوثائقي، وهو ما تُوّج بعدد من النجاحات، أبرزها تتويج الفيلم الوثائقي “الساكن ذاتي” بالجائزة الأولى ضمن المسابقات البرامجية التلفزيونية العربية لعام 2024 عن فئة الفنون الشعبية، والتفاعل الجماهيري الواسع الذي حظي به فيلم “عيوط ومكاحل”، الذي يوثّق لفن التبوريدة.
وفي السياق ذاته، نُوّه بالنجاح الذي حققته أعمال وثائقية أخرى، من بينها برنامج “الحالمون”، الذي يؤرّخ للإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم في كأس العالم قطر 2022، والبرنامج الرائد “أمودو”، الذي يستعرض التنوّع البيولوجي والمعماري والتراثي للمغرب، معرفًا بجماله الطبيعي وغناه الثقافي.
وشهدت الندوة انفتاحًا على رؤية المتلقي الخارجي من خلال مداخلة شقران أمام، المحامي والرئيس السابق لفريق برلماني، الذي أشاد بالتطور النوعي الذي تعرفه مضامين هذه الوثائقيات، سواء من حيث المواضيع المختارة أو من حيث المعالجة البصرية والسردية. واعتبر أن هذا التطور يُحسب للقناة الأولى وأطرها، لما له من أثر في ترسيخ أحد الأدوار الجوهرية للإعلام العمومي، والمتمثل في خدمة الصالح العام والمساهمة في بناء مواطن واعٍ بماضيه، متفاعل مع حاضره، ومنفتح على مستقبله.
