في أول ظهور لها بعد انتخابها رئيسة للجمعية الدولية للنساء القاضيات تتحدث مينة سكراتي، القاضية المغربية، عن مسارها في سلك القضاء، وتدرجها داخل دواليب هذه الهيئة إلى أن صارت أول قاضية عربية تتولى هذا المنصب خلال مؤتمر عقد مؤخرا في مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا.
وتتحدث سكراتي في حوار لها مع جريدة هسبريس الإلكترونية عن برنامج عملها في الجمعية، وكذا عن حضور القاضية المغربية وعلاقتها بالسفارة الأمريكية، إلى جانب دور القضاء في تعميق العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
· قبل التطرق إلى انتخابك رئيسة للجمعية الدولية للنساء القاضيات حدثينا عن مسارك القضائي؟
حاليا أشتغل قاضية بالمحكمة الإدارية بمدينة الدار البيضاء، وأشغل رئيسة اتحاد القاضيات بالمغرب، ثم رئيسة للاتحاد الدولي للنساء القاضيات. بدأ مساري في مهنة القضاء سنة 2007، إذ التحقت بالمحكمة الإدارية بمدينة مكناس، ثم انتقلت صوب الدار البيضاء، حيث أمارس مهمة المفوض الملكي للدفاع عن الحق والقانون.
وبعد تنزيل الدستور المغربي الذي سمح للقضاة بخلق جمعيات مهنية قضائية تم التشاور وتأسيس جمعية خاصة وطنيا، لكنها فرع للجمعية الدولية للنساء القاضيات. ومع انخراطنا في هذه الأخيرة تم انتخابي مديرة إقليمية لجهة أوروبا شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وكانت هناك لقاءات مع عدة قاضيات من مختلف الدول.
وقد تدرجت داخل هذه الهيئة من مديرة إقليمية إلى كاتبة عامة ثم إلى نائبة للرئيسة، إلى حين انتخابي مؤخرا بجنوب إفريقيا رئيسة لها.
· هل كنت تتوقعين انتخابك على رأس هذه الجمعية؟
لا يمكن توقع انتخابك رئيسا للجمعية، لكن أعمالي واندماجي بها وتواصلي مع مختلف العضوات بشكل مستمر، والعمل الذي نقوم به بشكل يومي رغم التفاوت في الأوقات بين البلدان، قصد اتخاذ قرارات مهمة في حق القاضيات، أمور جعلتني أتدرج في دواليبها. هذا هو سر نجاحي داخل الجمعية إلى أن صرت اليوم رئيسة لها.
· ما هو إحساسك وأنت تنتخبين على رأس هذه الجمعية؟
الانتخاب هو فخر كبير، وهو ليس نجاحا لي فقط، بل نجاح لكل قاضية مغربية وشهادة دولية على تميز القاضيات المغربيات والقضاء المغربي، لأن هذا الأخير يشجع على تواجد النساء به وتمكينهن والريادة. وللإشارة فإن المجلس الأعلى للسلطة القضائية أنشأ مؤخرا لجنة المناصفة التي تسعى إلى تمكين النساء من مناصب المسؤولية بالمحاكم.
· ما هي أبرز الملفات التي ستشتغلين عليها داخل هذه الهيئة؟
أكبر إشكالية سنعمل على مواجهتها داخل الجمعية تتمثل في قلة العضوات القاضيات من الدول العربية مقابل أعداد من القاضيات المتحدرات من الدول الإفريقية والأوروبية؛ فباستثناء المغرب وتونس تبقى القاضيات العربيات غائبات. سنحاول تجاوز ذلك، وأن ننجح في المهمة رغم صعوبة تأسيس جمعية مهنية للقضاة في دول مثل مصر والأردن.
كما سنعمل على إدراج اللغة العربية داخل الهيئة إلى جانب الفرنسية والإنجليزية، مع العمل على مؤازرة القاضيات بناء على الشكايات التي نتلقاها باستمرار.
· كيف ترين حضور القاضية المغربية؟
النساء القاضيات لهن حضور قوي، وأتمنى لهن حضورا أكبر مستقبلا… مقارنة مع دول عربية أخرى فإن المغرب يبقى متقدما في هذا الجانب بفضل بيئة العمل القضائي.
· تعلمين موقف جنوب إفريقيا من ملف الصحراء المغربية. ألم يؤثر عليك الأمر في المؤتمر؟
خلال مشاركتنا في جنوب إفريقيا صراحة لم نر منهم سوى ما هو إيجابي. وللإشارة فبعد مشاركة قاضيات من هذا البلد في مؤتمر مراكش طلبن تنظيم المؤتمر في بلادهن، وقد كنت ممن شجع على ذلك، وهذا يدخل في إطار الدبلوماسية القضائية أو الموازية؛ وبالتالي عند تنقلنا إلى هناك تم استقبالنا بشكل جيد. أعتقد أن الإشكالات السياسية لا علاقة لها بمجال القضاء.
· اليوم يتم استقبالك في القنصلية العامة الأمريكية، حدثينا عن علاقتك كقاضية بهذا البلد؟
السفارة الأمريكية في الرباط لعبت دورا كبيرا في مساري داخل هذه الجمعية الدولية، لأن المشاركة فيها ليس بالأمر الهين، إذ تتطلب تكاليف كثيرة من تنقلات وإقامات وغيرها، إلى جانب الحصول على المواعيد ورسوم التسجيل.
سنة 2016 قامت السفارة الأمريكية بدعمنا، إذ حضرت ست قاضيات في أحد المؤتمرات بواشنطن، وهناك تم انتخابي مديرة إقليمية بالجمعية وتوطدت علاقتي بها. كما تمت مساعدتنا في ربط علاقات مع جمعية النساء القاضيات بأمريكا، وشاركت في مؤتمرات خاصة بهن.
ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل تم عقد لقاء في مدينة مراكش بين 75 قاضية مغربية وأخرى أمريكية، مع عقد لقاء مع سفير الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا في حد ذاته تشجيع ودعم يجعلك تستمر في هذا العمل الجمعوي.
لكن أمام هذا الدعم من طرف السفارة الأمريكية لا يمكن نسيان الدعم المؤسساتي الذي يوليه المجلس الأعلى للسلطة القضائية للمرأة القاضية والقضاة بشكل عام، من أجل المشاركة في مثل هكذا مؤتمرات ولقاءات تكوينية وتقديم صورة جيدة عن القضاء المغربي بالخارج.
*هل يمكن أن يعمق التعاون القضائي العلاقات المغربية الأمريكية؟
بطبيعة الحال من شأن العمل القضائي أن يسهم في تعميق العلاقات المغربية الأمريكية، وذلك من خلال تبادل الزيارات والتجارب والخبرات بين البلدين. فالقضاء الأمريكي غني جدا ويمكن الاستفادة منه، وفي الوقت نفسه القضاء المغربي بدوره يتطور، وبالتالي يمكن أن يلعب دور دبلوماسية موازية لتوطيد العلاقات بين مكونات ومؤسسات البلدين.
· ما هي رسالتك للمرأة القاضية المغربية؟
القاضية المغربية ناجحة في عملها بسلك القضاء، لكن أتمنى أن تنخرط في الجمعيات الدولية لأنها ستكون بذلك أحسن سفير للقضاء المغربي.
" frameborder="0">