منذ بداية ولايته الثانية في يناير 2025، يواجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحديات كبيرة في كسب تأييد الرأي العام، حيث تُظهر استطلاعات الرأي تراجعًا ملحوظًا في شعبيته.
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة كنساس دايلي، تُشير استطلاعات مركز بيو للأبحاث إلى أن نسبة تأييد ترامب في أدائه الوظيفي قد وصلت إلى مستويات متدنية بشكل غير مسبوق، مما يعكس استياء واسع النطاق من سياساته المثيرة للجدل.
وسلطت الصحيفة الضوء على أسباب هذا التراجع، مع التركيز على السياسات الاقتصادية والخارجية المثيرة للجدل، الانقسامات السياسية، والتحديات الداخلية التي تواجه إدارته.
أسباب تراجع شعبية ترامب
1. السياسات الاقتصادية المثيرة للجدل
كانت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الواردات، خاصة من الصين، واحدة من أكثر سياساته إثارة للجدل. وفقًا لتحليل كوس ديلي، أدت هذه الرسوم إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، مما زاد من الضغط على الأمريكيين في ظل التضخم المستمر. على الرغم من أن ترامب روّج لهذه الرسوم كوسيلة لحماية الوظائف الأمريكية، إلا أن العديد من الاقتصاديين حذروا من أنها ستؤدي إلى فقدان وظائف في القطاعات التي تعتمد على الواردات، مثل الزراعة والتصنيع.
2. الاستقطاب السياسي
ساهم خطاب ترامب المناهض لوسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية في تعميق الانقسامات السياسية. وفقًا لتقرير إن بي سي نيوز، أدت هجماته المستمرة على خصومه السياسيين إلى نفور الناخبين المستقلين، الذين يشكلون جزءًا حاسمًا من قاعدة الدعم الرئاسية. كما أن قراراته بتطهير وكالات الاستخبارات، كما ذكر في تحليل بي بي سي في فبراير 2025، أثارت مخاوف من إضعاف المؤسسات الديمقراطية، مما قلل من ثقة الجمهور في قيادته.
3. عدم الوفاء بالوعود الانتخابية
خلال حملته الانتخابية، وعد ترامب بتحسين الرعاية الصحية، تقليص الدين الوطني، وبناء جدار حدودي مع المكسيك. ومع ذلك، لم يحقق تقدمًا ملموسًا في هذه المجالات خلال الأشهر الأولى من ولايته. وفقًا لاستطلاع إن بي سي نيوز، أعرب 60% من الأمريكيين عن خيبة أملهم من عدم وجود خطة واضحة لتحسين الرعاية الصحية، مما أثر سلبًا على تصنيفاته.
4. السياسة الخارجية والتوترات الدولية
أثارت سياسات ترامب الخارجية، بما في ذلك دعمه المطلق لإسرائيل وفرض عقوبات على إيران، انتقادات داخلية وخارجية. وفقًا لتقرير بي بي سي، أدت هذه السياسات إلى توتر العلاقات مع حلفاء تقليديين مثل الاتحاد الأوروبي، مما زاد من شعور الأمريكيين بأن بلادهم أصبحت معزولة دوليًا. كما أن فشل ترامب في تقديم خطة واضحة لمعالجة التوترات في الشرق الأوسط أثار مخاوف من تصعيد الصراعات.
ردود الفعل: المؤيدون والمعارضون
على الرغم من تراجع شعبيته، يحتفظ ترامب بقاعدة دعم قوية بين أنصاره، الذين يرون فيه زعيمًا يتحدى النخب السياسية التقليدية. ومع ذلك، تُظهر استطلاعات كوس ديلي أن هذه القاعدة تتقلص تدريجيًا، حيث يشعر بعض المؤيدين السابقين بخيبة أمل من عدم تحقيق النتائج الاقتصادية المتوقعة. في المقابل، يواصل الديمقراطيون ووسائل الإعلام الليبرالية انتقاد ترامب، مشيرين إلى أن سياساته تهدد الاقتصاد والديمقراطية الأمريكية.
ويواجه ترامب تحديات كبيرة في استعادة ثقة الرأي العام. أولًا، يتعين عليه تقديم نتائج اقتصادية ملموسة لمواجهة الانتقادات المتعلقة بالرسوم الجمركية. ثانيًا، يحتاج إلى بناء جسور مع الناخبين المستقلين من خلال تخفيف خطابه الاستقطابي. ثالثًا، يجب عليه معالجة المخاوف بشأن الشفافية والمساءلة في إدارته، خاصة في ضوء تطهير وكالات الاستخبارات.
على المدى الطويل، قد تؤثر هذه التصنيفات المنخفضة على قدرة ترامب على تمرير تشريعاته في الكونجرس، خاصة إذا فاز الديمقراطيون بأغلبية في انتخابات التجديد النصفي لعام 2026. كما قد تؤثر على شعبية الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المستقبلية.
وتُظهر استطلاعات مركز بيو للأبحاث أن دونالد ترامب يواجه أزمة شعبية في بداية ولايته الثانية، حيث تُعزى أرقام التأييد المنخفضة إلى سياساته الاقتصادية المثيرة للجدل، خطابه الاستقطابي، وعدم الوفاء بالوعود الانتخابية.
وفقًا لـ كوس ديلي، فإن هذه الأرقام تعكس استياءً واسعًا من أدائه، مما يضع ضغطًا كبيرًا على إدارته لتحقيق نتائج ملموسة. مع استمرار الانقسامات السياسية، ستظل قدرة ترامب على استعادة ثقة الجمهور تحديًا رئيسيًا يحدد مسار ولايته والمشهد السياسي الأمريكي في السنوات القادمة.
