أخبار عاجلة
نهضة بركان يضمن مليار سنتيم -

المغرب ودول الساحل .. انفتاح استراتيجي واستثمار للحدود المشتركة

المغرب ودول الساحل .. انفتاح استراتيجي واستثمار للحدود المشتركة
المغرب ودول الساحل .. انفتاح استراتيجي واستثمار للحدود المشتركة

في ظل التحولات العميقة التي تشهدها منطقة الساحل الإفريقي وما يرافقها من إعادة تشكيل خارطة التحالفات الإقليمية والدولية، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كشريك موثوق لدول المنطقة؛ من خلال مبادرات تنموية واستراتيجية تهدف إلى دعم الاستقرار وتعزيز التكامل الاقتصادي.

وفي هذا الإطار، استقبل الملك محمد السادس، أمس الاثنين بالقصر الملكي في الرباط، وزراء الشؤون الخارجية للدول الثلاث الأعضاء في “تحالف دول الساحل”. ويتعلق الأمر بكل من كاراموكو جون ماري تراوري (بوركينا فاسو)، وعبد الله ديوب (مالي)، وباكاري ياوو سانغاري (النيجر).

ويأتي هذا الاستقبال تتويجا لمسار من التعاون المتين الذي يجمع المملكة المغربية بهذه الدول، ويعكس التقدير المتبادل والرغبة المشتركة في توسيع آفاق الشراكة وتمكين مالي وبوركينا فاسو والنيجر من الولوج إلى المحيط الأطلسي ضمن المبادرة الملكية.

وخلال الاستقبال، عبّر وزراء خارجية الدول الثلاث عن امتنان رؤساء دولهم للملك محمد السادس، نظير اهتمامه المتواصل بقضايا منطقة الساحل، وانخراطه في مبادرات تنموية لفائدة شعوبها. كما جدّدوا دعمهم الكامل لمبادرة الربط الأطلسي، وأكدوا التزامهم بالعمل المشترك من أجل تسريع تنفيذها لما تحمله من آفاق اقتصادية وتنموية واعدة.

وفي سياق متصل، قدم الوزراء للملك محمد السادس عرضا حول تطورات البناء المؤسساتي والعملي لتحالف دول الساحل، الذي أنشئ كإطار بديل للتنسيق والتكامل بعد انسحاب الدول الثلاث من مجموعة “إيكواس”، في ظل توجه متزايد نحو الاستقلالية الاستراتيجية وإعادة ترتيب العلاقات مع الشركاء الدوليين.

وتعكس هذه الدينامية الإقليمية الجديدة أهمية الدور المغربي في دعم استقرار منطقة الساحل، ومساهمته في إيجاد حلول واقعية للتحديات الجغرافية والاقتصادية التي تواجهها الدول غير الساحلية، في ظل التوترات المتصاعدة والتنافس الإقليمي المتزايد في غرب وشمال إفريقيا.

المبادرة الملكية

الموساوي العجلاوي، أستاذ باحث في الدراسات الإفريقية وشؤون الساحل والصحراء، قال معلقا على الموضوع إن استقبال الملك محمد السادس لوزراء خارجية دول تحالف الساحل يحمل دلالات سياسية عميقة، باعتباره تأكيدا على المبادرة الملكية الاستراتيجية التي تم الإعلان عنها سابقا، والرامية إلى تمكين الدول غير الساحلية الثلاث—بوركينا فاسو ومالي والنيجر—من الولوج إلى المحيط الأطلسي.

وأوضح الموساوي، في تصريح لهسبريس، أن هذه المبادرة تنسجم مع أحد المرتكزات الثابتة للسياسة الإفريقية التي ينهجها المغرب، والتي تقوم على الربط الوثيق بين التنمية والاستقرار والأمن والسلام.

وفي هذا الصدد، ذكّر الأستاذ الباحث في الدراسات الإفريقية وشؤون الساحل والصحراء بالموقف الذي عبّر عنه المغرب خلال ترؤسه لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي بمدينة طنجة، حيث طُرحت لأول مرة فكرة فتح منفذ أطلسي أمام دول الساحل؛ وهي المبادرة التي تحولت اليوم إلى مرجعية تتبناها العديد من الدول الإفريقية.

وأشار الخبير ذاته إلى أن المغرب عندما ترأس مجلس السلم والأمن الإفريقي في مارس الماضي تواصل مع هذه الدول الثلاث في إطار وساطة تهدف إلى تقريب وجهات النظر بينها وبين الاتحاد الإفريقي، من أجل تسهيل عودتها إلى الوضع الدستوري، كما تقتضي ذلك مواثيق الاتحاد.

وأورد العجلاوي، في ختام حديثه، أن اللقاء الملكي الأخير يعزز هذا المسار ويجدد الالتزام المغربي بمبادرة الأطلسي والعمل المشترك مع هذه الدول، مشيرا إلى أن “العلاقات التي تربط المغرب بعدد من دول الساحل ليست مجرد علاقات سياسية أو جيوستراتيجية ظرفية؛ بل هي علاقات أخوة وصداقة عريقة تعود جذورها إلى قرون طويلة، تتجاوز السبعة قرون، وتقوم على روابط ثقافية وروحية متينة”.

شراكة مستقبلية

من جانبه، سجل الدكتور عبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن اللقاء الذي جمع الملك محمد السادس مع وزراء خارجية الدول الثلاث، بوركينا فاسو ومالي والنيجر، يعكس تجاوب هذه الدول الإيجابي مع المبادرة الملكية التي أعلن عنها الملك محمد السادس في ذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، لافتا إلى أن “هذه الدول ترى في المبادرة الملكية مصلحة وطنية أولا، فضلا عن كونها تشكل بديلا استراتيجيا وأفقا جديدا يمكن أن يعزز علاقاتها مع المغرب”.

وأضاف البلعمشي، في تصريح لهسبريس، أن هذه الدول تجد في المغرب شريكا إقليميا يدعو إلى التنمية والتشاركية ويطرح مبادرات غير أنانية تفتح آفاقا جديدة، مشيرا إلى أن “المغرب لا ينظر إلى هذه الدول من زاوية فوقية؛ بل يسعى دائما إلى خلق فضاءات جديدة تحفز التعاون والمصلحة المشتركة”.

وأكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض في مراكش أن هذه المبادرة تتماشى مع روح الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس في قمة الاتحاد الإفريقي الـ28، حيث شدد على ضرورة أن يكون المغرب جزءا فعالا من هذه المنطقة، مع دعم فكرة “مقعد نفوذ إفريقيا”.

وأبرز رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات أن “المغرب يعمل على المساهمة في تجاوز التحديات التي تواجه القارة الإفريقية في مجال الاقتصاد الدولي، ويسعى إلى تقديم حلول تنموية تساعد في تقوية الدول الإفريقية وتعزيز مكانتها على الساحة العالمية”.

وسجل البلعمشي أن التنمية تشكل الطريق والجسر الذي يقود بالضرورة إلى السلم والأمن في هذه المنطقة؛ مما يعزز أهمية المبادرة في تعزيز الاستقرار الإقليمي، موضحا أن “هذه المبادرة في حال تم تنفيذها وتفعيلها بشكل كامل ستكون لها تأثيرات متعددة على المنطقة؛ بدءا بتوسيع نطاق الفاعلين في السوق الإقليمي”، مشددا على أن “نتائج هذه المبادرة لن تقتصر فقط على تعزيز الاقتصاد والتجارة؛ بل ستمتد أيضا إلى تعزيز الأمن في المنطقة وتحقيق التنمية الاقتصادية التي ستسهم بشكل مباشر في استقرار الدول ويقلل من التوترات السياسية والعسكرية”.

وفيما يتعلق بالتعامل مع الأنظمة السياسية في المنطقة، أكد الخبير السياسي المغربي أن هناك تحولات مهمة في السياسات الإقليمية، إذ إن العديد من الأنظمة السياسية في المنطقة التي كانت حبيسة السياسات التقليدية قد بدأت تواجه رفضا من قبل الدول الإفريقية، وخصوصا دول الساحل، مردفا أن “هذه الدول تسعى اليوم إلى دعم توجه “جنوب-جنوب” الذي يركز على تقديم الفائدة لشعوب المنطقة من خلال التنمية الاقتصادية، وتعزيز الشراكات المنتجة التي تصب في مصلحة الجميع”، مشددا على أن هذه التوجهات تأتي في إطار السعي إلى تجاوز الهيمنة التي فرضتها بعض الدول، في إشارة واضحة إلى دور الجزائر ومحاولاتها الحثيثة للسيطرة على مسارات السياسة الإقليمية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رئيس الوزراء يتابع ملفات الطاقة مع وزير البترول ويؤكد استمرار تطوير القطاع وزيادة الاستثمارات
التالى خاص | وكيل لجنة القوى العاملة بالبرلمان يكشف تفاصيل مشروع تعديل قانون في مخالفات البناء التصالح